قطاع الأغنام والتحدي الصعب



ليس غريبا أن يقف أمام الجهود التي تبذلها الدولة أو بعض القطاعات الحكومية شيئا من التحديات والمعوقات فهي بالتأكيد ستسعى تلك الجهات من خلال برامجها وخططها التي وضعتها للتغلب عليها، وقد يرى الكثير من الناس أن الأمر سهلا أمام تلك القطاعات التي تبذل قصارى جهدها لتحقيق أهدافها الوطنية لبلوغ رؤية المملكة 2030.
وفي الحقيقة أن الوضع قد يكون سهل أحيانا وقد يكون صعبا في أحيان أخرى، بل أصعب مما نتخيل وقد يحتاج وقتا طويلا نوعا ما، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتطوير عبر البرامج والخطط التي تستهدف تغيير بعض العادات أو أنماط معينة من السلوك المتوارث، الذي تغلغل في عقليات البعض وتطبع عليه مع مرور الزمن، ولذلك فهي بعيده كل البعد عن أي منهج علمي ولا تعتمد على الدراسات الحديثة أو الأبحاث العلمية المتجددة التي يتوصل لها العلم حتى أنها لا ترغب الاستفادة من أساليب الدول المتطورة التي تتبعها والتعرف على التكنولوجيا الحديثة التي أسهمت بشكل كبير في تسريع وتسهيل أي عملية إنتاجية في أي مجال.
فإذا أخذنا على سبيل المثال وليس الحصر ونظرنا لقطاع الإنتاج الحيواني في المملكة وخاصة قطاع إنتاج الأغنام وبالتحديد إذا كان الإنتاج على مستوى الإفراد أو صغار المربين فنجد بعضا منهم لا يزال معتمدا على أساليب إنتاج تقليدية أظهرت مع مرور الزمن للجميع كثيرا من سلبياتها وضررها سواء على مستوى البيئة كالرعي الجائر أو على مستوى الأشخاص أنفسهم كالخسائر أو الديون التي تلاحقهم بسبب الهدر المالي الناتج من تمسكهم بمفاهيم مغلوطة أو قناعات متوارثة وأساليب وطرق قديمة في الإنتاج أثبتت عدم نفعها وأكدت ضررها المادي على الفرد خاصة وعلى الإنتاج في قطاع الأغنام والماعز بصفة عامة.
وعندما نجد ما تقوم به وزارة البيئة والمياه والزراعة من جهود في مختلف برامجها وخططها التي لا تقل أهمية جهود شقيقتها الكبرى وزارة الصحة لارتباطهما بصحة الإنسان وسلامته أولا، ومع ذلك فان اكبر تحدي ومعوق قد يكون أمام الوزارة في مجال الإنتاج الحيواني وفيما يخص قطاع الأغنام ورفع مستواه وخاصة عند صغار المربي وعلى مستوى الإفراد هم بعض الأفراد أنفسهم.
فإذا نظرنا للخطة الوطنية لتطوير قطاع الماشية ضمن التربية الريفية الزراعية المستدامة لتحسين الإنتاج والمنفعة لمربي الأغنام، والذي يعتبر ضمن برنامج التحوّل الوطني الذي يستهدف تعظيم قطاع الإنتاج الحيواني والغذائي، لسدّ حاجة السوق المحلية من اللحوم الحمراء للوصول إلى حد الاكتفاء الذاتي،
وقد نلاحظ أن الاستثمار في مجال توطين وإنتاج الأغنام ممثلة بالضأن والماعز لا يزال متواضعاً رغم تشجيع الدولة والوزارة لهذا النوع من الاستثمار وما تقوم به من جهود لتصحيح الممارسات التقليدية التي نتج عنها تدني الإنتاج وارتفاع التكاليف، ومع ذلك نجد الكميات المستوردة في تزايد مستمر لان قطاع إنتاج الأغنام المحلية غير مستقر وثابت والإنتاج المحلي متذبذب ولا يزال يعاني بسبب النقص الذي يحدث من وقت لأخر نتيجة عدم كفاءة معظم المربين الأفراد الذين يشكلون نسبة كبيرة في المملكة الذين يعتمدون في تربيتهم على الأنظمة التقليدية ولا يلتزمون أو يتبنون ما تتبناه الوزارة من برامج وخطط تخدم استثماراتهم وتطوير ممارساتهم إضافة إلى الاستهلاك المتزايد الذي يتم التعويض عنه عن طريق الاستيراد.
وأحب أن أشير في ختام حديثي : أن تطبيق صغار المربين لتوجيهات الدولة والتضامن والتعاون مع جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال برامجها التي ستسهم بإذن الله في تقليل التكاليف التشغيلية بما يضمن عائدا ربحيا أعلى للمربين والحفاظ على الموارد الطبيعية، كما سيصب في ضمان تحقيق الأمن التنموي والغذائي وبالتالي سيتحقق من ذلك الاستدامة المأمولة للقطاع الأغنام في المملكة.