قبل أكثر من تسع سنوات كانت هناك جهود لشركات سعودية مع حكومات في القرن الأفريقي للدخول في شراكات استثمارية في قطاع الثروة الحيوانية، وهو توجُّهٌ كان يقوده مستثمرون سعوديون لتأسيس مشاريع تربية وإنتاج الأغنام خارج المملكة؛ بهدف تصدير الإنتاج للاستهلاك في السوق السعودي.




وعلى ما أذكر فإن المفاوضات كانت تركّز حينها على تخصيص مناطق ليصبح إنتاجها خاصًّا للسوق السعودي، وكانت هناك محاولات من أصحاب المشاريع ضمن المفاوضات لإقناع تلك الحكومات لتربية أنواع مخصصة يفضلها السوق السعودي مثل (النعيمي)، علمًا بأن حكومات تلك الدول لا تسمح بدخول أي نوعيات غير الاستثمار في سلالتها المحلية؛لأن لديها حماية لسلالاتها الموجودة لديها من اختلاطها بدماء سلالات أخرى.
وكان يرى المستثمرون آنذاك أن دول القرن الإفريقي لديها مراعٍ طبيعية ولا تحتاج مواشيهم التي سيستثمرونها إلى تكاليف عالية في التغذية، لأن المراعي منتشرة بكثرة في تلك البلاد، على أمل منهم أن يقوموا بتصدير إنتاجهم حسب المتفق عليه للمملكة سواء أكان مذبوحًا أم حيًّا.



وفي تلك الأوقات كانوا يرون أن هذه المشاريع التي كانت تحت التأسيس في ذلك الوقت ستكون عونًا لمربّي الماشية في تلك الدول؛ وأن الدخول معهم في شراكات سيوفر لهم ما ينقصهم من دعم يحتاجون إليه، لأن دولهم غير قادرة على ذلك، وإنّ ذلك الدعم سيأتيهم من السعودية بعقود تحميها الحكومات سواء السعودية أو حكومات دولهم.
ولكن مع مرور الوقت حتى هذه اللحظة؛ هل استطاع هؤلاء المستثمرون تحقيق أهدافهم؟ وهل تمكنوا فعلًا من دعم السوق المحلي باللحوم الحمراء كما كانوا يعتقدون؟ وهل فعلًا استطاعوا أن يستثمروا في السلالة التي يفضّلها السعوديون كـ(النعيمي) -مثلًا-  أم إنهم أرغموا على الاستثمار في سلالات تلك الدول.


فبغضّ النظر عن نجاح هؤلاء المستثمرين أوعدم نجاحهم؛ وبغض النظر عن أي نتيجة تم تحقيقها في هذا المجال؛ فأنه ليس من المنطق أن يتم استثمار سلالتنا المحلية في بلاد أخرى؛ لأنه ليس هناك أي دولة في العالم تقبل بذلك، فإذا كنت مستثمرًا ولا بدَّ فعليك أن تستثمر من سلالتهم المحلية فحسب، لأن الاستثمار في غير سلالتهم المحلية مرفوض لديهم لحماية سلالتهم المحلية ولعلمهم بأهمية منتجهم الوطني لديهم.
ولذلك لا بد من النظر والالتفات لمهنة تربية الأغنام والوقوف مع المربين ودعمهم وحمايتهم وحماية سلالاتنا المحلية والإكثار منها لأنها ثروة وطنية ومنتج وطني نفخر به، عبر حماية ومساندة المستثمرين وصغار المربّين والعاملين في هذا القطاع الحيوي والوقوف معهم وتسخير كل المعوقات التي تقف عائقًا أمامهم وتشجيع كل ما يبذلون من جهود تسهم في الحفاظ على سلالتنا الوطنية وعلى هذه المهنة المتوارثة عبر الأجيال لدى معظم المواطنين في المملكة.